![]() |
#1 | |||||||||
![]() ![]() ![]()
|
![]()
وردت في سورة النساء آيتان اتفقت بدايتهما، واختلف ختامهما:
اﻵية اﻷولى: قوله تعالى: {إن الله ﻻ يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما} (النساء:48). اﻵية الثانية: قوله عز وجل: {إن الله ﻻ يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضﻼﻻ بعيدا} (النساء:116). في هاتين اﻵيتين سؤاﻻن: اﻷول: ما سر تكرار اﻵية مرتين في سورة واحدة؟ الثاني: لماذا جاء ختام كل آية من اﻵيتين مختلفاً عن اﻵخر، مع أن بداية كلٍّ منهما واحدة؟ أجاب*الخطيب اﻹسكافي*عن السؤال اﻷول بما مفاده: إنه لما اشتمل صدر سورة النساء على ذكر اﻷحكام، وانتهى إلى ذكر التيمم، ثم انقطع ذلك بقوله سبحانه: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضﻼلة ويريدون أن تضلوا السبيل} (النساء:44)، وهم اليهود، الذين حرفوا ما في التوراة من دﻻلة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلى ما يدعوا إلى ترك اﻹيمان به، ثم توعدهم إن أقاموا على ذلك الكفر بقوله: {يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعوﻻ} (النساء:47)، أتبع ذلك بما دل به على عظم الكفر الذي هو الشرك، وذلك في أمر اليهود. والموضع الثاني تقدم فيه قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} (النساء:115)، والمراد أن من عادى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما ظهرت آياته، وتظاهرت دﻻﻻته، وتبع سبيل الكفار، فإن الله تعالى يوليه ما تولى من اﻷصنام التي عبدها، بأن يكله إليها ليستنصر بها، وﻻ نصر عندها، وهؤﻻء مشركو العرب، فدل على أن من تقدم ذكرهم في اﻵية السابقة، وإن كانوا أوتوا الكتاب، كهؤﻻء المشركين الذين ﻻ كتاب لهم، كفرهم ككفرهم، وسبيلهم كسبيلهم، فأعاد اﻵية؛ ليُعلم أن المشركين وإن خالفوا اليهود ديناً، فقد وافقوهم كفراً، فهذه فائدة التكرار. وقد ذكر اﻹمام*الرازي*هنا أنه ﻻ فائدة في التكرير إﻻ التأكيد، فهذا يدل على أنه تعالى خص جانب الوعد والرحمة بمزيد التأكيد، وذلك يقتضي ترجيح الوعد على الوعيد. أما الجواب عن السؤال الثاني فقد أجابوا عنه بما حاصله: إن تعقيب اﻵية اﻷولى بقوله سبحانه: {فقد افترى إثما عظيما} ﻷن المراد باﻵية قوم عرفوا صحة نبوة النبي عليه الصﻼة والسﻼم من الكتاب الذي معهم، فكذبوا، وافتروا ما لم يكن عندهم، فكان كفرهم من هذا الوجه الذي أضلوا به أتباعهم. وأما تعقيب اﻵية الثانية بقوله تعالى: {فقد ضل ضﻼﻻ بعيدا} فﻸن المراد هنا المشركون العرب، وهم لم يتعلقوا بما يهديهم، وﻻ كتاب في أيديهم فيرجعوا إليه فيما يتشككون فيه، فقد بعدوا عن الرشد، وضلوا أتم الضﻼﻻت، فاقتضى المعنيون في اﻵية اﻷولى ما ذكره الله تعالى، واقتضى المعنيون في اﻵية الثانية ما أتبعه إياه، وإن كان الفريقان مفترين إثماً عظيماً، وضالين ضﻼﻻً بعيداً. وقريب من هذا الجواب جواب*ابن عاشور*عن اختﻼف التعقيب في اﻵيتين مع اتفاق البدايتين، قال: إنما ختم اﻵية اﻷولى بقوله عز وجل: {فقد افترى إثما عظيما}؛ ﻷن المخاطب فيها أهل الكتاب بقوله: {يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم}، فنُبِّهوا على أن الشرك من قبيل اﻻفتراء؛ تحذيراً لهم من اﻻفتراء، وتفظيعاً لجنسه. وأما في اﻵية الثانية فالكﻼم فيها موجه إلى المسلمين، فنُبِّهوا على أن الشرك من الضﻼل؛ تحذيراً لهم من مشاقة الرسول، وأحوال المنافقين؛ فإنها من جنس الضﻼل. هذا حاصل ما ذُكر في توجيه اختﻼف ختام كلٍّ من اﻵيتين، وهو كما تبين اختﻼف مرده إلى السياق، فالسياق في اﻵية اﻷولى استدعى أن يكون ختامها {فقد افترى إثما عظيما}؛ وذلك أن اليهود هم الذين افتروا على الله ما ليس في كتابهم. والسياق أيضاً في اﻵية الثانية هو الذي استدعى أن يكون ختامها {فقد ضل ضﻼﻻ بعيدا}؛ وذلك أن الكفار لم يكن لهم كتاب، فكان ضﻼلهم أشد. |
|||||||||
![]() |
![]() ![]() |
ضع الشكر / الاعجاب |
|
![]() |
#2 | ||||||||||
![]() ![]() ![]()
|
![]() # أشكرك أخي على هذه الفائدة الدينية .. وجزاك الله خير الجزاء .. اسمح لي بنقله لقسمه المناسب .. تحياتي وتقديري .. |
||||||||||
![]() |
![]() ![]() |
ضع الشكر / الاعجاب |
![]() |
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
*peak*, |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|